ما حكم الرقص للنساء؟وذهب
الإمام الشافعي رحمه الله إلى القول بإباحة الرقص الخالي من المحرمات. وقد
حكى بعض الباحثين قولاً ثالثاً في الرقص وهو القول بالتحريم ونسبه إلى
الحنفية والمالكية وليس هذا بدقيق فيما يظهر؛ لأن الذي تكلم الحنفية
والمالكية في تحريمه إنما هو الرقص الذي يتعبد به أصحابه لله تعالى
ويجعلونه من القربات، وهذا النوع من الرقص لا خلاف بين أهل العلم في
تحريمه. وقد استدل كل فريق بأدلة ، والذي يظهر لي أن أقرب الأقوال إلى
الصواب القول بأن الرقص مكروه في الأصل لما روى أحمد (16662) والترمذي
(1561) من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل ما
يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله،
فإنهن من الحق) قال عنه أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهذا الحديث
من رواية عبدالله ابن الأزرق، ولم يوثقه إلا ابن حبان. ولذلك قال عنه ابن
حزم في المحلى 9/55: " مجهول "، وقد جاء هذا الحديث من طرق تقويه؛ منها ما
رواه النسائي في السنن الكبرى (8938) من طريق جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما مرفوعاً:" كل شيء ليس من ذكر الله فهو لعب إلا أربعة ملاعبة الرجل
امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين وتعلم الرجل السباحة"،
وقال عنه الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/439): إسناده صحيح. وهذه الكراهة
تزول فيما إذا كان ذلك في يوم عيد أو شبهه؛ فإن النفوس تميل إلى اللهو في
الأعياد وشبهها، وقد راعت الشريعة مثل هذه الدواعي بما يلبي حاجة النفوس
دون أن يكون ذلك مفضياً إلى الوقوع في فساد وشر، ويدل لذلك أن النبي صلى
الله عليه وسلم أقر الحبشة على لعبهم في المسجد يوم العيد، وكان لعبهم
وثباً، وهو نوع من الرقص، وقد سمي لعبهم بذلك في رواية أحمد (237099) حيث
قالت عائشة: ((وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبيه لأنظر إلى
زفن الحبشة)). قال الذهبي في الفائق (2/112): (الزفن: الرقص). وقال ابن
الأثير في النهاية (2/305): (وأصل الزفن اللعب والدفع، ومنه حديث عائشة:
((قدم وفد الحبشة فجعلوا يزفنون ويلعبون، أي: يرقصون)). ومع هذا ينبغي
البعد عن كل ما يكون سبباً للفتنة والشر من الحركات التي تهيج الغرائز
وتغري بالشهوات، والله أعلم ...
ومع هذا ينبغي البعد عن كل ما يكون سبباً للفتنة والشر من الحركات التي تهيج الغرائز وتغري بالشهوات، والله أعلم