حق الخدمة بين الزوجينبالزواج
تنشأ أخص وأوثق علاقة بين شخصين هما الزوج والزوجة، ويحصل بينهما انفتاح
مطلق على مستوى الروح والجسد، ومشاركة مصيرية في شؤون الحياة، وقد عبر
القرآن الكريم عن شدة الالتصاق بين الزوجين بتشبيهها بالتصاق اللباس بالجسد
( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم وَأَنتُم لِبَاسٌ لَهُنَّ ) . ووصف الحياة الزوجية
بأنها سكن يأوي إليه الإنسان ويعيش في أحضانه (وَمِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَ
لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزوَاجًا لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُمء
مَوَدَّةً وَرَحمَةً ).
لكن هذه العلاقة الفريدة المميزة لا تلغي
خصوصية كل من الزوجين، ولا تسلبه استقلال شخصيته، فهما شخصيتان مستقلتان،
قررتا بملء إرادتهما الاقتران والشراكة، ضمن ضوابط حقوقية، تحمي خصوصية كل
منهما في حدود رغبته واختياره، وتصون العلاقة المفتوحة بينهما من أي نزوع
للإساءة والاستغلال ( وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ ) .
ودرجة القيمومة التي يعطيها
الإسلام للرجل في الحياة الزوجية لا تعني إلغاء خصوصية المرأة، ولا تجاوز
استقلالية شخصيتها، فالقيمومة هي تحمّل مسؤولية الإنفاق والرعاية للأسرة،
وأن بيده حق الطلاق، وله حق الاستمتاع، الذي يجيز له أن يمنع ما يزاحم هذا
الحق، ضمن تفصيل تناولته مسائل الفقه.
أما على الصعيد الديني فهي إنسان
منحها الله تعالى إرادة الاختيار كالرجل، لتتحمل أمام الله تعالى مسؤولية
اختيارها، فلا يصح للزوج لو كانت زوجته كتابية مثلاً أن يفرض عليها اعتناق
الإسلام، ذلك أنه ( لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ ) .
وكذلك لو كانت الزوجة ضمن مذهب إسلامي آخر غير مذهب الزوج، فلا يحق له إكراهها ولا مضايقتها حتى تعتنق نفس مذهبه.
ولو تعددت المدارس داخل المذهب الواحد، فليس للزوج أن يضغط على زوجته للانتماء إلى مدرسة معينة يؤمن بها.
وعلى المستوى الفكري والثقافي ليست ملزمة بأفكار زوجها وثقافاته بل تقبل ما تقتنع به وترتأيه.
وفي المجال السياسي لها حرية الرأي والموقف وإن اختلفت مع رأي زوجها وموقفه.
نعم
يمكن لأي منهما أن يسعى لإقناع الآخر برأيه الديني أو الفكري أو السياسي،
الذي يراه أحق وأصوب، لكن دون ضغط أو إكراه، ففي أجواء الحياة الزوجية،
ينبغي أن تسود بينهما المودة والرحمة ( وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً
وَرَحمَةً ) .
وعلى الصعيد المالي فإن للمرأة استقلالها الاقتصادي التام، فنفقتها واجبة على الرجل على كل حال، أما أموالها فهي ...
لها حرية الرأي والموقف وإن اختلفت مع رأي زوجها وموقفه.
نعم
يمكن لأي منهما أن يسعى لإقناع الآخر برأيه الديني أو الفكري أو السياسي،
الذي يراه أحق وأصوب، لكن دون ضغط أو إكراه، ففي أجواء الحياة الزوجية،
ينبغي أن تسود بينهما المودة والرحمة ( وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً
وَرَحمَةً ) .
وعلى الصعيد المالي فإن للمرأة استقلالها الاقتصادي
التام، فنفقتها واجبة على الرجل على كل حال، أما أموالها فهي صاحبة القرار
والمتصرفة فيها، ولا حق للرجل ولا أمر ولا نهي في أموال زوجته، تدخرها إن
شاءت، أو تستثمرها كما تريد، أو تستهلكها، أو تعطيها لأي أحد.
وما يقوم
به بعض الرجال من الضغط على زوجاتهم العاملات والموظفات للأخذ من رواتبهن،
إن لم يكن بطيب نفس منهن، فهو غصب ونهب محرم شرعاً.
وعلى المستوى
الاجتماعي فالمرأة حرة في صداقة من شاءت، وفي التواصل مع من ترغب، من
أرحامها وغيرهم، وفي ممارسة أي دور اجتماعي، لا يحدها إلا أوامر الله تعالى
ونواهيه، وبشرط ألا يزاحم ذلك حق زوجها في الاستمتاع، واستئذانه في الخروج
من البيت، إذا كان الخروج مزاحماً لحق الاستمتاع ـ كما هو رأي بعض الفقهاء
ـ أو مطلقاً حسب رأي المشهور.
وفي ما عدا موضوع الاستمتاع فالمرأة حرة في نفسها ووقتها تفعل ما تشاء وما تريد، ولا حق لزوجها في منعها من شيء لا يزاحم حقه.
خدمة المنزل
من المتعارف عليه أن تقوم المرأة للزوج بالخدمة المنزلية، فتطبخ الطعام،
وتغسل الملابس والأواني، وتكنس البيت، وتقوم باحتياجات الأولاد.
وهو جهد
طيب تبذله المرأة، وتستحق عليه الثواب الكبير من قبل الله تعالى، لكن ما
يجب أن يُعلم أن ذلك ليس واجباً على المرأة وليس هو حقاً عليها، يقول
الفقهاء: لا يستحق الزوج على الزوجة خدمة البيت وحوائجه التي لا تتعلق
بالاستمتاع من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو تنظيف الملابس أو غير ذلك حتى
سقي الماء وتمهيد الفراش، وإن كان يستحب لها أن تقوم بذلك.
بل اتفق الفقهاء أنه لا يجب على المرأة إرضاع ولدها ولا حضانته ولها المطالبة بأجرة على الرضاعة والحضانة.
أما الحنفية وجمهور المالكية أوجبوا ذلك على المرأة مستدلين بما ورد من
أنه (ص) قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى الإمام علي (ع) ما كان خارج
البيت من عمل، وأنه (ص) كان يأمر نساءه بخدمته كقوله (ص) : "يا عائشة
اسقينا، يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمّي الشَّفرة وأشحذيها بحجر" وردَّ
ابن قدامة الحنبلي على هذا الاستدلال بقوله: ...
أطعمينا،
يا عائشة هلمّي الشَّفرة وأشحذيها بحجر" وردَّ ابن قدامة الحنبلي على هذا
الاستدلال بقوله: إن المعقود عليه من جهتها الاستمتاع، فلا يلزمها غيره،
كسقي دوابه، وحصاد زرعه، فأما قسم النبي (ص) بين علي وفاطمة فعلى ما تليق
به الأخلاق المرضية، ومجرى العادة، لا على سبيل الإيجاب، كما قد روى عن
أسماء بنت أبي بكر، أنها كانت تقوم بفرس الزبير، وتلتقط له النوى، وتحمله
على رأسها. ولم يكن ذلك واجباً عليها.
ومن المؤسف أن بعض الرجال
يلزمون زوجاتهم بخدمتهم وخدمة الأولاد والعائلة والضيوف بشكل متعسف، وكأن
ذلك واجب عليهن، وتتعرض بعض الزوجات للأذى إذا ما قصرن في شؤون الخدمة أو
أخطأن في شيء منها.
الإخدام للزوجة
ان الزوجة إن كانت من أهل
بيت كبير، ولها شرف وثروة لا تخدم بنفسها، فعلى الزوج إخدامها، وإن تواضعت
في الخدمة بنفسها، وكذا إن كانت مريضة تحتاج إلى الإخدام لزم. و إن لم تكن
شريفة، بل لو كانت الزوجة أمةً تستحق الإخدام لجمالها لزم ذلك لها، للقضاء
بالعادة... وإذا وجبت الخدمة على الزوج لزوجته، فالزوج بالخيار، بين
الإنفاق على خادمها إن كان لها خادم، وبين ابتياع خادم، أو استئجاره، أو
الخدمة لها بنفسه، وليس لها التخيير... ولا يلزمه أكثر من خادم واحد، لأن
الاكتفاء يحصل بها، وهذه المسألة محل اتفاق وذلك يعني أن المرأة لا يجب
عليها خدمة الزوج بحال من الأحوال، بل ذلك مستحب، لها فيه الأجر العظيم،
والثواب الجزيل، ولكن الزوج عليه توفير الخدمة للزوجة في بعض الحالات، كما
إذا كانت من ذوي الشأن، وقد اعتادت على أن تخدم، وكذلك لو كانت مريضة أو
ذات عاهة تقعد بها عن الخدمة